الإسرائيليات الإسلامية تذبح غزة كما ذبحت الأمة بقلم علي خيرالله شريف هناك إسرائيليات في عقائد بعض المذاهب الإسلامية، باتت م
الإسرائيليات الإسلامية تذبح غزة كما ذبحت الأمة
بقلم علي خيرالله شريف
هناك إسرائيليات في عقائد بعض المذاهب الإسلامية، باتت مقدسة لديهم فلا يتجاوزونها. من هذه العقائد:
طاعة ولي الأمر حتى ولو كان زانياً وشارب خمر وحتى لو كان شاذاً جنسياً وقاتلاً للنفس المحرمة، وحتى لو كان سارقاً لبيت مال المسلمين ولثروات شعبه، ينفقها على ملذاته وعلى بناء عشرات القصور له مع أنه لا يستعمل هذه القصر. إذن أصبحت طاعة هذا الولي للأمر أوجب الواجبات. أي أوجب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأوجب من الدفاع عن حياض المسلمين، وأوجب من ترك المحرمات، وأوجب حتى من الصلاة. والأغرب من هذا كله أن هذه الطاعة صارت واجبة حتى ولو كانت أوامره لهم أن يفجروا ويفسدوا ويعربدوا ويرقصوا ويفعلوا المحرمات كافة. مع هذه الطاعة المنصوص عليها في كتبهم ومراجعهم الدينية، تأسست داعش وتقسمت الدول العربية واشتعلت الحروب الأهلية وانتشرت الكراهية المذهبية وتحولت أقدس المدن إلى مراقض وعلب ليلية، واندفع التبيذع المذل مع العدو، الخ. وفي كل هذا أصبح المواطن العربي يطمئن ظناً منه أنه بريء الذمة من أي تقصير تجاه دينه وأمته وواجباته الوطنية، ما دام ولي الأمر يطلب منه ذلك. وهذه الحالة تفسر إلى حدٍّ بعيد سكوت الشعوب العربية اليوم، حتى المحاذية لفلسطين، عن نصرة أهل غزة والضفة وهم يتعرضون للإبادة الممنهجة.
يعيش علماء الدين في العديد من المذاهب الإسلامية، خاضعين للسلطة السياسية، ويقبضون منها رواتبهم، وأي اعتراض منهم على سياسة الحاكم(ولي الأمر)، تعرضهم لقطع الرواتب وللعقوبات وللسجن وأحياناً تقوم السلطة بعزله أو بإعدامه أو اغتياله. لذا فهم لا يجرؤون على معارضة السلطة، بل أكثر من ذلك هم يدعون لها بطول العمر، ويصدرون الفتاوى التي تبيض صفحتها السوداء، ويروجون لحكامهم على أنهم قريبين من القداسة وأكثر، ويتلون في المساجد، خطبهم التي تعبر عن تمجيد السلطة والحاكم وتدعو إلى طاعتهم.
لا تقتصر هذه الإسرائيليات على نزوات الحاكم، بل تحمل بشكل أساسي نزوات واضعيها والمخططين لاستثمارها في الأمتين العربية والإسلامية. لقد أضحت العملة الرائجة لدى أكثر المذاهب الإسلامية، وحلت محل كل القيم الإسلامية التي قام عليها الدين الإسلامي الحنيف، مثل الرحمة للعالمين والاعتصام بحبل الله ونصرة المستضعفين والمظلومين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها، فأنتجت التكفير وذبح مخالفي الرأي والمذهبية والسلوك المهين الذي نشهده للشعوب والحكام والسلطات، بالتخاذل اتجاه حرب الإبادة التي يشنها العدو على أهل فلسطين وغيرهم من الدول الإسلامية. حتى شيخ الأزهر، الذي أصدر أخيراً أصدر بياناً بالأمس أدان فيه العدو واتهمه بإبادة أهل غزة، ولكنه سرعان ما سحب البيان من التداول تحت تحت ضغط أولياء الأمر من السلطات. الحاكمة
تظن الشعوب العربية والإسلامية ويظن علماؤها ونخبها، أنهم بريئو الذمة بتخاذلهم عن نصرة غزة وفلسطين. ولكن الحقيقة، الشرعية الدينية والأخلاقية والإنسانية والقانونية، هي عكس ذلك تماماً. فإن الشعوب العربية مدانة بشكلٍ مضاعف بجريمتين كبيرتين جداً؛ الجريمة الأولى هي سكوتها عن نصرة فلسطين، والجريمة الثانية هي طاعتها لحكامها الذين داسوا بأقدامهم وفجورهم على كرامة أمتهم وتعاليم دينهم وكرامة أوطانهم وشعوبهم.
السؤال الجوهري هو:
ما العمل لتنظيف تراثنا الإسلامي وثقافتنا وتربيتنا الدينية من الإسرائيليات التي وضعها الغرب فينا عندما قال "سنضع لهم إسلاماً يناسبنا" حتى باتت أساسية في سلوك أكثرية شعوبنا الإسلامية وصار الدين عند تلك الشعوب، ما يفرضه عليهم حكامهم من عربدة وغريزة وهتك للدين والأخلاق والقيم الإنسانية السامية؟
هذه الإسرائيليات جعلت أكثرية الشعوب الإسلامية لا تنطبق عليها الآية الكريمة "كنتم خير أمة أخرجت للناس..." فهي لم تعد تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر ولا تدعو إلى الأخوة والتراحم والتعاضد، بل أصبحت مصداقاً للحديث النبوي الشريف عن الزمن الذي تمر فيه أمتنا في آخر الزمان فترى فيه المنكر معروفاً والمعروف منكراً.
يجب إحداث هزة ضمير للشعوب الإسلامي، عسى أن تستيقظ من غفلتها وضلالها، وعسى أن تتذكر أن حريات الشعوب لا تُطلب، بل تُنتَزع انتزاعاً من قلوب حكامها وعتاتها، بالبذل وبالتضحيات الجسام. ألم يقل الشاعر المصري أحمد شوقي:
وللحرية الحمراء بابٌ
بكلِّ يدٍ مضرجةٍ يُدَقُّ
الخميس ٢٤ تموز ٢٠٢٥
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها